قصص قصيرة جدا
عندما تطل الحسناء من الشرفة، يبدأ في مداعبة القطة، يربّتُ على شعرها بحنان، يأخذها في حضنه، يشتري لها الحليب. ينهمر السخاء كالقُلل في ميقات كل إطلالة.
يحذو خطوات الحسناء نعلا نعلا، يرافقها إلى مدرستها. يتجاسر، يطلب ودها. تصرفه، تلعنه لعنا.
يستشيط حنقا. يهددها بأداء ما سرطته القطة، وأداء ما صرفه لتلميع صورته، وتحميلها كافة الصائر.
مشهد من غير سكّر
لم يخرج من معطفه الجريدة، ولا علبة الثقاب، ولم يذب في فنجانه قطعتين عكس ما تهرف به الأغنية الصادحة في المكان.
فقط كان المشهد على الشكل التالي:
النادل يضع القهوة على منضدة الرجل.
يتلقفها كما هي، يقربها إلى شفتيه.
بزغتْ أصابع اتهامية وأصوات صارخة منبهة:
- نسيتَ السكر.. نسيت السكر.
طنين
أينما دلفتَ فثمة آلات لا تكف عن الأزيز والعويل. أصوات يشتد أوارها، تشنف سمعك ليل نهار.
لم تشرق الشمس عن غد حتى تحول كل ابن أنثى وكل خنثى إلى صراصير تبقر سكون الأفضية وحرمة الأقبية بصراخها الحاد. وأمام استفحال الطنين من قبل ابن الطين تحول إلى لغة رسمية وحيدة في البلاد.
أكياس في مهب الريح
أكياسٌ بلاستيكية بألوان الطيف معلقة في سِدْرات وأشواك تذروها الرياح، خِلْتُها جموعا منتظمة في مظاهرة عارمة. وأنا أتجاوزها رأيت حشودا من بني جلدتي يصيحون ويمجّدون زعيم الحي؛ وهو الزعيم نفسه الذي نَدّدوا به صباحا ولاطوا صورتَه بالأرض.
احتفاء
قرية دامسة، لا تنيرها إلا شمس النهار. عندما زَوَّدوها بالكهرباء زُرنا أهلها مهنّئينهم بهذا الفتح المنير. باحتفاء قال لنا كبيرهم وهو يفسح لنا مكانا في مجلسهم:
اختاروا أي الأمرين تريدون، أَنُقَدّمُ لكم شايا أم نشعلُ لكم المصباح الكهربائي؟!
ميراث
تصفح ببذلته البيضاء ووجهه المحايد ملفا مبثوثا أمامه، ما أن رفع رأسه الى زائره حتى قال:
- لم يخب ظني، إنها بالفعل تركة لا تبلى ورثتها عن أبيك.
سرعان ما ودعه عند الباب مربّتا على ظهره. تدحرج من السلالم بتثاقل، لم تقو رجلاه على حمله وهو يصيح مطوحا بالملف الذي يتأبطه:
- أيكون نصيبي من الميراث فقط هذه الأمراض الفتاكة، عِرْق نتن دسّاس؟!